"إنّكم ستلقون بعدي أَثَرَة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض.."
هذه الجملة خاطب بها النبيﷺ الأنصار !!
الأنصار؛ الذين نصروا الدعوة، واحتضنوا الرسالة، وفدوا النبيﷺ بأنفسهم وأموالهم وأبناءهم..
الأنصار؛ الذين بايعوا النبيﷺ عند العقبة، وهم يعرفون أن عاقبة ذلك مُفارقة العرب كافة، وقتل خيارهم..!
الأنصار؛ الذين آثروا إخوانهم المهاجرين، وقاسموهم أموالهم وديارهم وأرضهم وأهليهم..!
الأنصار؛ الذين سمّاهم الله تبارك وتعالى بهذا الاسم شكرًا لسعيهم ورضًا بعملهم..
الأنصار؛ الذين قال عنهم النبيﷺ: "لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق.."، والذين اختارهم النبيﷺ لنفسه فقال: "لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار"
الأنصار؛ الذين لا تُحصى مناقبهم، ولا تُعد تضحياتهم، وتفنى الأقلام ولا تفنى خصائصهم..
ثم بعد كُل هذا يقول لهم النبيﷺ: إنكم ستلقون بعدي أَثَرَة..!!
أَثَرَة؟!
يعني لن يكون جزاؤهم التقديم والاحتفاء وتولي المناصب، والعطاء من المكتسبات الدنيوية؟!
يعني أنّه قد يُقدّم غيرهم، ويُعطى من هو دونهم، ويؤخرون هم، ويُهمّشون ويُهضم حقّهم أحيانًا؟!
نعم، هو كذلك..
والعجيب أنهم رضوا، ولم يُثنهم ذاك الكلام عن النصرة، ولم يؤثر على عزيمتهم في البذل والتضحية..
هذا أنهم قد باعوا واشتروا من الله..
قد اشتروا الجنّة من أول يوم بايعوا فيه النبيﷺ عند العقبة: يُبايعون ويعطيهم على ذلك الجنّة.. (
https://t.me/mdwnah/1014)
ولعمر الله إن هذا هو التمثل الحقيقي لمعنى : العمل لله، ولنصرة دينه..
وإن هذا لهو صمّام الأمان -بإذن الله- للثبات وعدم التوقف عن النُصرة والبذل والتضحية والعمل لله ولدينه، وعدم ترك الثغر، بسبب عوارض الطريق، وعدم تقدير الجهد، وتهميش الدور، وتقديم الأدنى، وانعدام الحظ -أو قلته- من المكتسبات الدنيوية حين التمكين والنصر وانفتاح الدُنيا..
فمن كان واقفًا على ثغر يرجو بذلك وجه الله، فليوطّن نفسه على هذه الكلمة: "إنكم ستلقون بعدي أَثَرَة، فاصبروا حتى تلفوني على الحوض"
فإن ذلك أدعى أن يثبت ولا يُبدل ولا يتولّى ويدبر، إذا خذله الناس، ولم يؤت حظّه في الدُنيا..
#إصلاح#فقه_السنة#خواطر